ومن الدليل على الفرق بينهما في ذلك أنا قد وجدنا الجمع يقلب فيه ما لا يقلب في الواحد، ألا ترى أن الواوين المتطرفتين تقلبان ياءين في الجمع كعتي وجثي في جمع عات، وجاث، ولا تقلبان في المفرد إلا شذوذا كمرضى ومسنية، بخلاف المفرد/ فإن عدم القلب هو الباب، ولا يكون الجمع إلا شاذا، نحو ما حكاه سيبويه من قولهم: إنكم لتنظرون في نحو كثيرة، وكذلك (قالوا) صيم في جمع صائم، ولا يجوز في حول المفرد: حيل. وقد احتجوا أيضا بمضوفة المتقدم، وهو من من ضاف يضيف إذا حذر وخاف. والذي رجحوا مذهب سيبويه والخليل، وذلك لأن العلة التي لأجلها انقلبت الواو ياء في الجمع موجودة في المفرد، وسيأتي بيانها إن شاء الله تعالى. وقد فرق الأخفش بما تقدم، وأيضا فإنه لم يجيء فعل مما عينه ياء على مذهب الأخفش، وكل ما جاء على لفظ فعل بالواو فتصريفه بالواو لا بالياء.
فإن قيل: إنما كان ذلك لكراهية قلب الياء واوا.
قيل: فلم جاء في الفاء (القلب) ولم يجيء في العين؟ ما ذاك إلا لأن العين حكم لها بحكم اللام، فقلبت الضمة لأجلها، وهو ما نزع سيبويه نحوه. وأما مضوفة فمن الشاذ على مذهب الجمهور.
وقد استدل الأخفش بقولهم للريح الحارة: هيف وهوف، والأصل الياء، فهوف- بلا شك- فعل منه، انقلبت ياؤه واوا كما كان ذلك في