المفرد، وجميع ما تقدم إنما هو في الجمع، وأما المفرد فمفهومه أن هذا الحكم لا يكون فيه. فإذا بنيت فواعل من القول قلت على مقتضى هذا: قواول، فلا تهمز، أو من البيع فتقول: بوايع، فلا تهمز أيضا، وكأن الحجة في هذا أن الجمع هو الذي جاء فيه السماع، فقيل بالقياس فيه، وأما المفرد فلم يأت فيه شيء فلا يتعدى به الأصل، وهذا ما يظهر من كلامه، وفيه نظر؛ لأن النحويين في هذه المسألة بين قائلين: قائلٍ يقصر هذا الحكم على ما اكتنف فيه ألف الجمع واوان، فلا بد عنده من شرطين، أحدهما أن تكون المدة ألف جمع، والآخر: أن يكون المكتنفان واوين. وقائلٍ لا يشترط شيئا من ذلك، بل الحكم جار عنده في الجمع والمفرد المشابه له، كفواعل من القول أو من البيع، كما تقدم، فتقول فيهما: قوائل وبوائع، فتهمز بلا بد عند أصحاب هذا القول. فإذا كان الخلاف هكذا ثبت أن ما اختاره الناظم مذهب ثالث، وهو الفرق بين الجمع والمفرد، فيهمز في الجمع دون المفرد، وقد تقدم وجهه، ولا يستنكر مثل هذا للناظم، فقد تقدم في هذا الشرح من هذا النحو بعض مواضع، وليس إحداث قول ثالث في المسألة بخرق إجماع عند طائفة من الأصوليين، لا سيما إن كان القول المحدث لا يرفع ما اتفقوا (عليه كهذا الموضع، فإنه مفصل في القولين، فيوافق الأخفش في نفي الحكم) عن المفرد، ويوافق سيبويه في إثباته في الجمع مطلقا، فكل قول لا يرفع ما اتفقوا عليه فقد أجاز إحداثه طائفة ممن منع الإحداث، وهو الذي اختار ابن الحاجب، وقد يمكن أن يكون الناظم لم يتعرض للمفرد ولا قصد إخراجه عن الحكم، بل سكت عنه لأنه معدوم في السماع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015