ابن جني وغيره أن الواو والياء أبدلت منهما الألف، وأن الهمزة مبدلة من الألف. وذلك أن (قائل) و (بائع) أصلهما قاول وبايع، كما أن أصل قال وباع قوَل وبيَع، فسكن حرف العلة من قاول وبايع كما سكن في فعله، ووجب قلبهما ألفا كما انقلبا في قال وباع؛ لأن الألف قبل حرف العلة من حيث كانت زائدة تشبه الفتحة، فانقلب حرف العلة ألفا كما انقلب في قال وباع، للفتحة المحققة، فصار: قاال وبااع، وهكذا بألفين، فلما اجتمع الساكنان لم يكن بد من الحذف لأحدهما أو التحريك، والحذف لا يمكن فيصير اسم الفاعل على لفظ الماضي فيلتبس، وأما التحريك فلا يمكن أن يرجع لأجله إلى الأصل من الياء والواو، فيكون رجوعا عما منه فُر، فلم يبق إلا تحريك الألف نفسها، وذلك لا يمكن فيها، فأبدلوها حرفا يقرب منها غاية القرب ويمكن تحريكه، وهو الهمزة، فأبدلوا الثانية همزة ولم يبدلوا الألف الأولى إلى الهمزة؛ لأن الألف الزائدة في (فاعل) لا أصل لها في الحركة، ولم تتحرك قط؛ فكانت الألف الثانية أولى، وهذا النحو هو الذي مضى في مسألة كساء، فيمكن أن يكون الناظم قائلا بهذا النحو، إلا أنه تجوز في العبارة، واختصر العمل اختصارا وهو يريده، وإما أن يكون بنى على ظاهر كلام كثير من النحويين في هذا، وعلى ظاهر الأمر لم يثبت درجة مقدرة لم تظهر قط.
ثم بعد في كلامه معترض، وهو أنه شرط في فاعل أن يكون منسوبا إلى فعل فيقتضي كلامه أمرين: