المسألة الثانية: أن حروف الإبدال قد يمكن أن يكون أراد بها الحروف التي تبدل من غيرها ويبدل غيرها منها، فيريد الحروف التي يقع فيها الإبدال من كلا طرفيه، فالألف تبدل من غيرها، ويبدل غيرها منها، والهمزة كذلك، والواو والياء، وما سوى ذلك. وقد يمكن أن يريد ما يكون بدلا من غيره مطلقا، كان بعد ذلك مبدلا منه أو لا. وهذا الثاني هو المتعين، إذ ليس مقصوده النظر في المبدل منه؛ لأنه قد يكون هو الأصل، وهو الشائع في البدل أن يكون من أصل كقام وما أشبهه، فإن الألف فيه بدل من واو هي الأصل، فما فائدة التعرض لكون الواو هي المبدل منها. وقد يكون المبدل منه غير أصل، كياء ملهى التي انقلبت منها الألف، لكن ليس المقصود منها كونها مبدلا منها، وإنما المقصود كون الألف بدلا منها، فلا تعرض لغير هذا.
فإن قيل: ما الدليل على هذا من اللفظ؟
فالجواب: إنه لا دليل عليه من لفظه، وإنما أطلق العبارة اتكالا على فهم المراد؛ إذ لا كلام في الحرف إذا كان على أصله إلا من حيث يخلفه غيره، فالنظر في ذلك الخَلَف - وهو العارض- هو الذي يُقصد مثله، وإن قصد المبدل منه فبالقصد الثاني، من حيث تعيينُ الذي أبدل هذا منه فقط.
المسألة الثالثة: فيما يمكن أن يعترض على عبارته به، والاعتراض عليه من أوجه:
أحدها: أن قصده هنا بحصر حروف الإبدال إما أن يكون لحصر الحروف المطردة الإبدال دون المشهورة من غير اطراد، والنادرة، أو يكون