قيل: إن تقديرهما بالجملة لا يخرجهما عن كونهما من قبيل ما ليس بجملة في التحصيل لأنه تقدير لا ينطق به وهم مما يهملون اعتباره في اللفظ بحيث لا يكون الظرف والمجرور عندهم في حكم ذلك التقدير حسب ما يذكر./ بعد إن شاء الله، فلهما منزلة بين منزلتي المفرد المحض والجملة المحضة، فلذلك أخرجهما عن الجملة بقوله: (أو شبهها)، وأتى للجملة ولهذا الضرب الشبيه بها بمثالين في كلام واحد وهو قوله: (كمن عندي الذي ابنه كفل) فقوله: (من عندي) تمثيل شبه الجملة وهو الظرف وفي معناه المجرور. وقوله: (الذي ابنه كفل) تمثيل الجملة، ومن عندي مبتدأ خبره الذي ابنه كفل، أو يكون "من" خبرا والمبتدأ هو الذي، فقدم وأخر، والعائد من الظرف على الموصول مقدر في الظرف وتقديره اللفظي: من استقر هو عندي، والعائد من الجملة الهاء في ابنه.

فإن قلت: فأين العائد من الخبر على المبتدأ في مثال الناظم؟ قيل: ضمير ابنه، فإن قلت: إنما الهاء في ابنه عائدة على الذي؟ قيل: وإن كان كذلك فهو يكفى في الربط، لأنه أيضا راجع إلى المبتدأ من جهة المعنى، فالربط حاصل بين المبتدأ والخبر كما كان رابطا في قولك: زيد القائم، فضمير القائم عائد على "أل" وهو عائد أيضا على زيد، ثم إن في كل واحد من المثالين إشارة إلى شرط معتبر فيما مثل به.

فأما المثال الأول بالظرف فقد تضمن اشتراط التمام في الظرف والمجرور، ومعنى كونه تاما أن يستقل في الإخبار عن المعنى المراد بالموصول، كما كان ذلك في قوله: (من عندي) فإن عند تستعمل في الإخبار عن الموصول، كما تقول: زيد عندي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015