بيَّن أنَّ العرب قد تترك القياس في بعض المواضع، وتستغني بغيره عنه فتحفظ تلك المواضع، ويبقى مقيساً فيما عداها.

وبعد، فأصل الخلاف في المسألة لفظ سيبويه، فمن ترجَّح عنده أحد الموضعين قال به.

المسألة الثالثة: فيما على الناظم من الدرَكِ وذلك من وجهين:

أحدهما: أنه ذكر الاستغناء ولم يبيِّن أنه في موضع مختصٍّ ومحلٍّ معيَّن، وإنما ذكر أن هذا آتٍ في الكلام على الجملة، ومثل هذا لا يحصِّل معنًى في النحو، كما لو قال: إن الضمير يأتي متصلاً، ويأتي منفصلاً من غير أن يذكر موضع الاتصال ولا الانفصال، فإن مثل هذا لا يبيِّنُ في المسألةة حقيقة؛ إذ الضمير لا يأتي متصلاً مطلقاً، ولا منفصلاً مطلقاً، فكذلك كلامه هنا، وهذه الأبنية / الثلاثة إنَّما يستغنى بها في مواضع مخصوصة، فأمَّا (فاعل) فيوتى به لمن كان صاحب شيء وليس فيه علاج، ولا محاولة كـ"لابِنٍ" لمن كان له لبنٌ، و"تامرٌ" لمن كان له تمرٌ، وكذلك سائر المُثُل. وأما (فعَّال) فلمن كان صاحب شيء له فيه علاج ومحاولة كـ"جمَّال" و"حمَّار" لصاحبي الجمال والحمير اللذين يعملان عليها، وكذلك سائر الأمثلة، هذا هو الغالب في المثالين، وقد يستعمل أحدهما مكان الآخر كقولهم: سيَّافٌ لذي السيف الذي لا يحاول فيه شيئاً، ويقال لذي البغل: بغَّالٌ، ونابلٌ للذي يعالج النبل، وقد أطلق امرؤ القيس النبَّال

طور بواسطة نورين ميديا © 2015