ذلك من سياق الكلام، كما علم أن الضمير من قوله تعالى {كل من عليها فان} عاد على الأرض، فإن كلامه هنا في قوانين الكلام العربي وضبط ما تكلمت به العرب، فعلم أنها المرادة بالضمير، ويريد أن من العرب من يجري الذين، مجرى اللذان فتختلف أحواله بحسب العامل فتقول: جاءني اللذين قاموا، ورأيت الذين قاموا ومررت بالذين قاموا، وهذه لغة مشهورة لهذيل ووجهها على طريقة الناظم ظاهر فاللذون عنده من قبيل المجموع كاللذان في التثنية، فإن الجمع لما كان من خصائص الأسماء عارض شبه الحرف، فأعرب الاسم كما أعربت "أي"، وقد مر تقديره في التثنية، وأما اللغة المشهورة فكأنها معارضة لمذهبه في التوجيه، فإن التثنية إن كانت مؤثرة في الحكم بالإعراب ومعارضة لشبه الحرف لأنها من خصائص الأسماء، فكذلك ينبغي أن يكون الجمع، لأنه أيضا من خصائص الأسماء، لكن العرب لم تعتبر هذه الخاصية في مشهور كلامها، بل أعلمت شبه الحرف من غير اعتبار لغيره، فكذلك يكون عندها الحكم في التثنية، إذ لا فرق في هذا بين التثنية والجمع، فيضعف الاحتجاج في إعراب اللذين ونحوه، بأن التثنية من خواص الأسماء وإذا كان كذلك لم يبق له في دعوى الإعراب دليل إلا جريانه مجرى المثنى، وليس في ذلك دليل، لأن مجرد الجريان مجرى المثنى لا يدل على إعراب الجاري، ألا ترى "من" في الحكاية تجري مجرى المثنى المحكي وليست بمعرفة فتقول لمن قال: جاءني رجلان منان، وفي رأيت رجلين منين، وفي مررت برجلين منين كذلك، وأيضا فقد يبقى المثنى حقيقة فلا تكون تثنيته دليلا على إعرابه نحو: لا رجلين في الدار ويا زيدان وما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015