المقتضية للبعد اتساعا، ولأنه قصد قريبا وهو ذان واتن وبعيدا وهو اللذان واللتان، ولأنه قد يعامل القريب معاملة البعيد وبالعكس فلا محذور، ويعني أن العرب قصدت بهذا التشديد أن تعوض من الحرف المحذوف في التثنية فإن الياء تحذف وجوبا من الذي والتي وكذلك الألف من هذان وهاتان. فأرادوا أن يجعلوا التشديد (في ذلك) كالعوض مما حذفوا جبرا له، والعوض يقوم مقام المعوض منه حتى كأنه موجود.

فإن قيل: فإذا كان الحذف يقتضي التعويض فهلا عوضوا في يد ودم ونحو ذلك إذا قالوا: يدان ودمان؟

فالجواب: أن التعويض سماع لا يقال به إلا حيث اضطر إليه، وذلك إذا نقل ألا تراهم عوضوا في أهراق وأسطاع الهاء والسين من سلامة العين فيهما، ولم يعوضوا في أقام وأبان، وإن سلم أنه قياس، فإنما يكون التعويض مما كانت التثنية هي السبب في الحذف منه كالذي نحن فيه، أو يكون التعويض عند وجود سببه مطلقا وهذا هو الأعم كاستطاع وأهراق وجحاجحة وما أشبه ذلك مما يحصل التعويض منه عند وجود سببه، أما يد ودم فلم تكن التثنية سببا في الحذف منه فيعوض فيها، بل قصدت في يد ونحوه عدم التعويض وإلا فلو قصدت فيه التعويض لألزمته العوض، كما فعلوا في شية وعدة وزنة ونحوها، وكما في أسطاع ونحوه، فثبت أن التعويض إنما يكون عند حضور سببه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015