عن تثنية الذي والتي بالياء وأنها لم تثنهما، وما زعمه هنا على ظاهر كلامه أبين، إذ لا يدعى الاستغناء إلا بدليل يدل عليه كما قالوا في مذاكير وملامح من أنه جمع لما لم ينطق به استغناء عنه بذكر ولمحة وما أشبه ذلك.
فإن قلت: فالدليل قائم، وذلك مخالفة لسائر المثنيات حيث لزم فيه من الحذف ما لا يجوز في غيره، قيل: على تسليم مذهبه في أنه مثنى حقيقة لا دليل في الحذف، إذ لا بعد في مجيء بعض الأشياء مخالفة للقياس، وأيضا إن كان حذف الآخر في التثنية مسوغا لدعوى الاستغناء لزمكم ذلك فيما حذف آخر شذوذا في التثنية من المعربات كقولهم في تثنية الخوزلي والخنفساء وباقلاء وعاشوراء خوزلان وخنفسان وباقلان وعاشوران على ما حكاه الفراء عن العرب فإذا لم يجز أن يدعى الاستغناء في هذه الأشياء وأشباهها إلا متعسف فكذلك ها هنا. ووجه ذلك: وهو أن ابن مالك في هذه الدعوى كالمتناقض مع زعمه في تشديد نونيهما أن ذلك تعويض من المحذوف، وكيف يصح التعويض (من المحذوف) ولا محذوف يعوض منه.
فإن قيل: هو- إن ادعى الاستغناء- قد زعم أن لغة "اللذ" بلا ياء مخففة من الذي بالحذف، وإذا كان كذلك صار الأمر إلى أن اللذان تثنية الذي بعد الحذف تخفيفا، فالتعويض من المحذوف صحيح.
قيل: فإذا لا معنى لادعاء الاستغناء، بل صار الأمر إلى ما قاله هنا من أن اللذان تثنية الذي، وحذفت الياء في التثنية، مع أن دعوى الحذف في المبنيات غير مقبولة، بل هي لغات مختلفة، وعلى ذلك أتى بها النحويون فيقولون: في الذي أربع لغات، وفي التي ثلاث لغات أو أربع، ولأجل ذلك لما