دليل الكثرة شبهيٌّ، وعلى هذا السبيل جرى الناظم فسماها مجهولة الأصل اعتباراً بفقد أحد الدليلين الأصليين، وحكم بمقتضى ما أصَّلُوهُ فيها، فبنى على حكم الواو فيها، فقلبها في التصغير واواً؛ لأن هذا حكم ما أصله الواو من الألفات الثواني، فلم يخرج عن طريقهم.
والجواب عن السؤال الثاني أن اعتبار الإمالة غير متفق عليه في الحكم بكون الألف ياء، بل أطلقوا القول في القاعدة، ولم يستثن سيبويه منها ممالاً من غيره، وكذلك فعل الفارسي، فلذلك لما ذكر ابن جني / فيما تقدم قال: قياس قول أبي علي أن يكون من الواو، يعني لأجل أن الواو على العين أغلب؛ لأن باب (طَوَيْتُ) كثيرٌ جداً، وباب (عَيِيتُ) قليلٌ، والحمل على الأكثر واجب، لكن لما كانوا قد أمالوا هذه الحروف تصرفوا فيها على ذلك الحكم فقالوا: بيَّيْتُ وحّيَّيْتُ، فلما كانت الإمالة ليست إلا للإعلام بأن تلك الألفات كانت قبل النقل ممالة، لا لأن أصلها الياء لم يبق فيها دلالة على الياء، كما لم يكن فيها دلالة عليها في (بَلى) و (لا) في قولهم: (إمَّا لا) ونحو ذلك، فتصح إذن دعوى الانقلاب عن الواو بهذا النظر.
على هذا المعنى اعتمد ابن جني في ترجيح قياس أبي علي، وهو