كأن ورسا خالطه اليرنا ... خالطه من هاهنا وهنا
ويقولون: تجمعوا من هنا ومن هنا، وحكى الفراء أن تميما تقول: هاهنا زيد وأنشد:
تلقاه مقتسما تبدو خليقته ... هنا وهنا وعقلي غير مقتسم/
وتقول: رأيتك هنالك من غير إدخال ها التنبيه وتخصيصه هذا اللفظ بالذكر مع أنه لما ذكره بغير لام خير في ها التنبيه دليل على أن العرب لا تدخلها عليه وإلا فلو لكان كذلك لكان ينبغي أن يقول: وبهنالك أو ها هنالك انطقن أو ما أشبه ذلك، كما قال قبل: (وبهنا أو هاهنا أشر) فإذا لا يجوز أن تقول: هاهنالك، وهذا موافق لما تقدم في النوع الأول وهو صحيح بخلاف ما تلحقه الكاف وحدها فإن "ها" يجوز دخولها عليه لقوله: (وبه الكاف صلا) أي: بما تقدم من هنا أو هاهنا فتقول: هاهناك كما تقول ها ذاك وهاتيك ولم ينبه الناظم على لحاق الكاف لهنا أو هنا، مع أنهما عنده إشارة إلى البعيد، كما نبه على لحاقها لهنا المضموم الهاء المخفف، فاقتضى أن الكاف لا يجوز أ، تلحقهما فلا تقول: هناك ولا هناك، وكذلك يقتضي ألا تلحقهما ها التنبيه، إذ لم يبين ذلك فلا تقول على هذا هاهنا ولا هاهنا.
فإن قلت: وما الدليل على هذا القصد؟ ولعله أغفل ذكر ذلك إحالة على جواز مثله في هنا وما تقدم.