فالجواب: أنَّ ابن مالك قد عُلِمَت عادته في هذا النحو أنه لا يأتي بما يوهم تكراراً أو حشواً إلا لمزيد فائدة. والذي حصل بهذا الكلام أربع فوائد:
إحداها: أنه لما قدم آنفاً في ألف التأنيث حكماً لازماً وهو الحذف خاف أن يتوهم أن هذه المسألة مستثناة مما تقدم من التخيير، فأخذ يبين أن لزوم الحذف في ألف التأنيث إنما هو حيث لا يعارضه حكم التخيير، بل يبقى المخير فيه على بابه، واللازم الحذف على بابه. فلو لم ينبه على هذا المعنى لعد هذا الحكم المذكور ناسخاً لما تقدم من التخيير.
والثانية: أن ألف التأنيث هنا وإن كان حكم التخيير قد ثبت لها، فقد تقدم له ما يعطي الحكم بإثباتها لزوماً، وذلك أن ألف التأنيث / حرف معنى، وقد تقدمت إشارته إلى أن حرف المعنى مرجح على ما ليس بحرف معنى على ما شرحته هنالك، وثبت أيضاً لألف حبارى التخيير على ما نص عليه سيبويه وغيره، فصارت القاعدة الثانية في ترجيح حرف المعنى منخرمة في حبارى، إذ أجمعوا على إثبات ميم مستفعل؛ لأنه حرف معنى، ونحوه مما هو مثله، وهنا خيروا حتى افترق الناس في حبارى ثلاث فرق: