القرب والبعد وأنهما عنده مرتبتان فقط من غير توسط، ويلزم على ما تقدم من مذهب الأكثرين إثبات مرتبة التوسط وأن لها هناك وللبعدي هنالك، وعلى طريقة الشلوبين يكون هاهنا في مرتبة التوسط كهناك، وكلامه هنا نص في رد ذلك المذهب، وقد تقدم ما يكفي فيه وتقييده الظرف بالمكان يدل على أن هذه الإشارة لا يشار بها إلى ظرف الزمان فلا تقول: صمت هنا، تريد هذا اليوم، وهذا إنما هو أكثر فقد يشار بهنا وهنالك وبهنا إلى الزمان، ومن ذلك قوله تعالى: {هنالك ابتلي المؤمنون} ولم يتقدم غير ذكر الزمان. وقوله: {هنالك تبلو كل نفس ما أسلفت} بعد قوله: {ويوم نحشرهم}، ومن ذلك في الشعر قول الأفوه الأودى:
وإذا الأمور تعاظمت وتشابهت ... فهناك يعترفون أين المفزع
ولما كان هذا قليلا لم يبن عليه وجعل هنا مختصا بالمكان.
ثم قوله: (وبهنا أو هاهنا) فخير بين الأمرين نص في جواز لحاق