ثم قال:
وبهنا أو ها هنا أشر إلى ... داني المكان وبه الكاف صلا
في البعد أو بثم فه أو هنا ... أو بهنالك انطقا أو هنا
هذا هو النوع الثاني من نوعي الإشارة وهي الإشارة إلى المكان، فاعلم أن الإشارة إلى المكان لا تنفصل من/ الإشارة إلى الأشخاص وغيرها إلا بكون اسم الإشارة ظرفا، فإنك إذا أردت الإشارة إلى المكان من غير إرادة كونه ظرفا تجريه مجرى الأشخاص، فكما تقول: أعجبني هذا الرجل، وهذا الفعل كذلك تقول: أعجبني هذا المكان وهذا الزمان، فلا ينفصل المكان من غيره إذا لم تقصد فيه كونه ظرفا، فأما إذا قصدت كونه ظرفا فأشرت إليه، فالخاص بهذا النحو لفظ هنا، وما ذكر معه لا يشار بها إلا إلى المكان من حيث كونه ظرفا بخلاف هذا وأشباهه فإن الأمر فيها مطلق، فقد تشارك هنا فيما اختصت به نحو قوله تعالى: {إنما تقضي هذه الحياة الدنيا} فإذا ثبت هذا فلا يشار بهنا ونحوه إلى المكان إلا بقيد كونه ظرفا لفعل، والناظم لم يأت بهذا القيد، بل أطلق القول بأنها يشار بها إلى المكان، وهذا الإطلاق غير صحيح لاقتضائه جواز قولك: هنا موضع زيد، في معنى هذا موضع زيد ونحو ذلك، وأيضا لما خص الإشارة إلى المكان بهنا ونحوه بدليل تقديمه المجرور لأن معناه الاختصاص كأنه قال: أشر بهذه الأشياء إلى المكان لا بغيرها اقتضى ذلك أنك لا تشير إليه بهذا وما ذكر معه فلا تقول: هذا موضع زيد ولا هذه بقعة عمرو ولا قعدت هذا المكان ولا ما أشبه ذلك وهذا كله غير مستقيم وقد احترز في "التسهيل" من هذا الاعتراض بقوله: ويشار إلى المكان بهنا لازم