وقد يدل قوله بعد: (وبهنا أو هاهنا/ أشر) على أنها تلحق لأمر زائد على التنبيه، وإذا تقرر هذا بقى النظر في كلام الناظم في هذا الفصل في أمرين: الأول في تقرير الخلاف الذي أشار إليه وذلك في مسألتين:
إحداهما: في تحقيق مراتب الإشارة بحسب المشار إليه فهي عنده مرتبتان: مرتبة بعد، ومرتبة قرب، وعند الجمهور ثلاث مراتب: مرتبة قرب، ومرتبة بعد، ومرتبة توسط بين القرب والبعد. فللمذكر في الدنيا هذا، وفي الوسطى ذاك، وفي البعدي ذلك، وفي التثنية هذان في الدنيا، وذانك في الوسطى وذانك في البعدي بالتشديد، وللمؤنث في الدنيا هذه، وكذا في أخواتها من غير كاف، وفي الوسطى تيك، وفي البعدي تلك وتالك، وفي التثنية في الدنيا هاتان، وفي الوسطى: تانك، وفي البعدي: تانك بالتشديد وفي الجمع من النوعين: أولاء في الدنيا، وأولاك في الوسطى، وأولئك وأولالك في القصوى. وعلى هذه الطريقة جرى أكثر المتأخرين، واستدل في "شرح التسهيل" على صحة ما ذهب إليه بخمسة أوجه:
أحدها: الإجماع على أن المنادي ليس له إلا مرتبتان: مرتبة القريب: تستعمل فيها الهمزة، ومرتبة البعيد وما في حكمه: تستعمل فيه بقية الحروف وهو والمشار إليه شبيه بالمنادى، فليقتصر فيه على مرتبتين إلحاقا للنظير بالنظير.
والثاني: أن المرجوع إليه في مثل هذا النقل لا العقل، وقد روى الفراء أن بني تميم يقولون: ذيك وتيك بغير لام حيث يقول