فحذفتَ الميم والسين، لكان على مثالٍ موجودٍ وهو تفاعِلُ نحو تناضِبَ، لكن الميم ذهبت وهي دالة على بنية الفاعل أو المفعول، فإذا حُذفت اختلت بنيته من حيث هي لاسم فاعل أو مفعول، وأيضاً فإنها حرف معنى، وقد قال:

والميمُ أولى من سواه بالبقا

وهو المرجح الثاني، لكون الميم دالة على معنى اسم الفاعل أو المفعول، وما دل على معنى أولى بالإثبات مما ليس كذلك.

فإن قلتَ: لِمَ قال: "والميمُ أولى من سواه"، وقد فُهِمَ له ذلك من تعيينه ما يحذف من مسْتَدْعٍ؛ إذ قال:

والسينَ والتا من كمُسْتَدْعٍ أزِلْ

أن الميم تثبتُ ولا بدَّ، فالظاهر أن هذا الكلام فضلٌ لا يُحتاج إليه؟

فالجواب: أن ذلك ليس بحشوٍ، بل هو مفيدٌ لفوائدَ:

إحداها: التنصيص على بقاء الميم بخصوصها، إذ لو لم يذكر ذلك لفهم من العلة جواز حذف الميم مع السين وإبقاء التاء، لأن ذلك أيضاً لا يخل ببناء الجمع لبقائه على تَفاعِلَ، وذلك موجودٌ، فكان يكون قوله: "والسينَ والتا أَزِلْ" غير مقصودٍ في نفسه. وهذا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015