كلام النحوي في اللغة خروج منه عن صناعته إلى ما ليس منها، وهو في المخاطبة التعليمية غير صواب.
فإن قيل: فإن النحويين يتكلمون كثيرا في معاني الأدوات والألفاظ أفتراهم خارجين عن الصواب بذلك؟
فالجواب: أن كلامهم في معاني الألفاظ في الغالب إنما يكون لما يعرض لهم من بناء القوانين على النقل اللغوي، أو لأن كلامهم في ذلك يجري مجرى ضبط القوانين، فالأول: نحو/ قول الناظم وغيره في هذا الباب: إن لحاق الكاف واللام في ذلك، وذلك يدل على البعد وتركها يدل على القرب، فمثل هذا ينبني عليه من القياس أن الكاف واللام تلحقان اسم الإشارة قياسا إذا قصدت الإشارة بها إلى البعيد.
والثاني: مثل كلامهم في معاني حروف الجر، فإن كلامهم في ذلك من قبيل ضبط القوانين وسيأتي شرح ذلك في باب حروف الجر إن شاء الله، وقلما يتكلم النحوي في معاني اللغة على غير هذين القصدين، إلا أن يتصدى لغويا محضا كشراح شواهد سيبويه وأمثلته وما جرى مجرى ذلك، فخذ هذا أصلا في معناه تنتفع به إن شاء الله.
فإذا كان كذلك فتفصيل الناظم هذا الاحتمال يؤدي إلى إخراجه عن صناعة النحو إلى تفسير اللغة، وليس بشارح لكلام غيره، ولا لشعر غيره، ولا لمطلق اللغة، فلا ينبغي أن يحمل هذا المقصد في إطلاقه.
والثاني من الوجهين أن عادة الناظم إذا نص على الإطلاق وأن يذكره في مقابلة تقييد له أو تأخر، وعلى ذلك يجب أن