فإن قلت: إن الناظم منع صَرْفَ فُعْلان أيضاً مع أنه (فَعلان) هنا له اعتباران بحسب معناه، اعتبار يصرف فيه موزونه كنَدْمان، واعتبار لا يصرف فيه كسَكْران. وفُعْلان باعتبار موزونه / على وجه واحد، وهو أن يصرف موزونه، فلِمَ منع الصرفَ فيهما معاً؟
فالجواب: أن ما فَعَل من منع الصرف هو الواجب، وذلك أن الأمثلة الموزون بها إذا لم تنزل منزلة الموزون فهي أعلام مطلقاً، ولذلك توصف بالمعرفة، وتنصب بعدها النكرة حالاً، وإذا كانت كذلك اعتُبرت في أنفسها، فإن كان فيها مانع من الصرف منعت، وإلا فلا، فلا تقول: فُعَلُ المعدول لا ينصرف. فتصرف فُعَلاً وإن كان عبارةً عن عُمَرَ مثلاً، لأنه في نفسه لا مانع له إلا العلمية وحدها، فكذلك فَعْلان في كلام الناظم وفُعْلان، هما علمان مزيدٌ آخرهما ألف ونون، فصار حكمهما حكم سلمان وعثمان، ولا اعتبار بفَعْلانة وفُعْلانة؛ لأنهما ليسا بمؤنثيهما؛ لأن ذلك إنما يكون في الصفات، وقد صارت هذه أعلاماً.