لحيات, فريات, لتوالي الكسرات مع الياء, بخلاف (خطوات) ونحوه, فإنه جائز وإن توالت الضمات مع الواو, فقد قال سيبويه: "وتقول: لحية ولحى, وفرية فرى, ورشوة ورشًا". قال: "ولا يجمعون بالتاء كراهية أن تجيء الواو بعد كسرة - يعني في (رشوةٍ) لو قلت: رشوات - واستثقلوا الياء هنا بعد كسرة - يعني في (لحية) لو قلت: لحيات - قال: "فتركوا ذا استثقالاً, واجتزوا ببقاء الأكثر". يعني الجمع على (فعل).
ثم ذكر أن من قال: كسرات: قال: لحيات.
فهذا كالصريح في المنع, ويرشحه أنه قرنه بما يمتنع اتفاقًا, وهو (رشوات) فظاهر كلام الناظم مشكل.
والجواب عن النظر الأول: أن من عادته أن يأتي بمثل هذا مجملاً, فلا يعين الأقل من الأكثر إذا كان الجميع جائزًا في الكلام؛ إذ لا محظور.
وعن الثاني: أن السيرافي: زعم أن الإتباع يجوز في (لحية) وبابه, هكذا غير مقيد بقلة, قال: لأنه لا ينقلب فيه حرف إلى غيره, يعني كما ينقلب في (رشوةٍ) لو أتبعت, إذ لابد من الإتباع من قلب الواو ياء, بخلاف (لحية) لأنها ياء من أصلها, فلعل الناظم اعتمد على هذا النقل, والمؤلف نقل في "التسهيل" الخلاف في المسألة, وذكر في "الشرح" أن من البصريين من منع لاستقلال الياء بعد الكسرتين, ومنهم من أجازه, ولم يذكر هناك نصًا على مرتضاه, وظاهر مذهبه ها هنا الجواز, ويكون اعتماده على ما ذكره السيرافي إن كان سماعًا من العرب, أو قياس منه, وعلى ما يشير إليه رده على الفراء في منعه (فعلات) مطلقًا, على ما أذكره على إثر هذا إن شاء الله تعالى.