والآخر, الفتح, وهو قوله: "أو خففه بالفتح" أي خفف عين الكلمة بفتحها, وإنما قال: "خففه" لأن الفتح خفيف, وهو مما يخفف به, وأيضًا فللتخفيف هنا موقع بالنسبة إلى الاتباع الذي قدم, وهنا الضم أو الكسر؛ ولا شك أن الفتح أخف منه, فقولك: (غُرَفاتٌ, وكسراتٌ) أخف من قولك: (غُرْفاتٌ وكسراتٌ) ولأجل ذلك لزم الإتباع بالفتح, ولم يجز فيه الإسكان لما كان الفتح خفيفًا.
وأجازوا هنا الإسكان والفتح كأنهما فرار من ثقل الإتباع, فتقول في الفتح في (غُرفةٍ): غرفاتٌ, وفي (هند): هنداتٌ, وفي (كسرةٍ): كسراتٌ, ونحو ذلك.
فالمجموع ثلاثة أوجه في العين غير التابعة فتحًا, والتابعة الفتح لها وجه واحد, وهو الإتباع.
وقوله: "فكلا قد رووا" يعني أن هذه الأوجه الثلاثة, في المضموم الفاء والمكسورها, مروية عن العرب, مسموعة من كلامها, وحكاها أهل العربية.
فمما جاء من ضم عين (فُعلةٍ) في الجمع قوله تعالى: } وهم في الغرفات آمنون}. وقرأ ابن عامر والكسائي وقنبل وحفص: } ولا تتبعوا خطوات الشيطان}.
ومما جاء بالإسكان فيه (خطوات) وهي قراءة الباقين, وحكى اللغويون (غرفات).