كثير من هذا النظم يخالف فيها مذهبه في "التسهيل" وإذا اعتبرت الأمر في نفسه وجدت التقييد بالوضع على هذا المعنى الثاني ضروريا في الحد إذ يدخل على كل من فسره بالمعنى الأول كلام الأعجمي، فإنه لفظ مركب مفيد بالوضع ومداره علم العربية كله على التفرقة بين كلام العربي وكلام العجمى وتفسير الوضع بوضع العرب يتضمن معنيين:
أحدهما: ما تقدم من كونه على طريقة العرب وترتيب ألفاظها على معانيها وبهذا خرج كلام الأعجمي.
والثاني: اعتبار الإفادة الوضعية -أي المتواضع عليه- فتخرج بذلك الإفادة العرضية والعقلية، فالعرضية: كما إذا قلت: جاءني غلام زيد، فيفهم من إضافة الغلام إلى زيد أن له غلاما، فهذه فائدة أفادها هذا الكلام، لكنها إفادة غير وضعية، إذ لم يوضع لأن يدل عليها ولا يفيدها، وإنما وضع للإخبار عن غلام زيد بالمجيء، فإفادته أن لزيد غلاما عرضية لا وضعية، فلم يكن كلا من جهتها، والعقلية كإفادة كلام المتكلم من وراء حائط، أن في ذلك الموضع إنسانا حيا، فإن هذه الإفادة عقلية لا يتكلم فيها النحوي، وإنما كلامه في الإفادة التي وضع اللفظ لها، وعلى هذا فمثال الناظم قد أحرز ذلك كله، لأن قوله: (استقم) مفيد طلب الاستقامة من المخاطب بالوضع لا بالعرض ولا بالعقل وهذا كله حسن إن كان الناظم قد قصده والله أعلم.
قوله: (واسم فعل ثم حرف الكلم) أصل هذا الكلام على ما نَقَلَه