الحكاية، وإن كان مما يُحكى وحده فيقولون في من قال: (رأيت أخاك زيدًا): من أخوك وزيد. قال سيبويه: وهذا حسن.
فإذا ذكروا (من) مع المعطوف كان لكل واحد حكمه، فإذا قال: رأيت زيدًا وأخاك، قلت: من زيدًا؟ ومن أخوك؟ أو قال: رأيت أخاك/ وزيدًا، قلت: من أخوك؟ ومن زيدًا، وشبهه سيبويه بقولهم: تبًا له وويحًا، فتتبع إذا لم تذكر "له" فإذا ذكرت "له" كان لكل حكمه، فقلت: تبًا له، وويح له.
فالحاصل أن المعطوف والمعطوف عليه بالحرف إنا ألا يحكى أصلا، وإما أن يعتبر المتقدم، وذلك إذا لم تكرر (من) وكلام الناظم يقتضي خلاف ذلك كله.
ويمكن الجواب عن الأول بأن ليس من شرطه في هذا المختصر أن يأتي بنقل اللغتين جميعًا، بل قد يجتزئ بنقل لغة الحجاز يين لكونها أشهر، وبها نزل القرآن.
ألا تراه في باب (ما) إنما ذكر الإعمال فيها خاصة، وهي لغة أهل الحجاز وترك لغة بني تميم وإن كانت هي الجارية على القياس، كما قال سيبويه: فذلك غير ضائر. وأما الثاني: فالظاهر وروده، فلو قال مثلا:
والعلم احك بعد من إن يخل من ... تابع أو من عاطف بمن قرن
أو ما يُعطى هذا المعنى - لحصل المقصود، ولم يبق عليه اعتراض، ويكون شرط نفي التبعية مطلقا بناء على قول يونس في المعطوف والمعطوف عليه.