وكائن رددنا عنكم من مدجج ... يجئ أمام القوم يردى مقنعا
قال سيبويه: إن أكثر العرب إنما يتكلمون بها مع (من).
ووجه ذلك المبرد بأنه إذا قال: كأين رجلاً أهلكت، يجوز أن يكون تمييزًا فيكون في معنى (جميع) ويجوز أن يكون مفعولاً بـ (أهلكت) أي كأين مرة أهلكت رجلاً؛ فيكون الرجل واحدًا، فإذا أدخل (من) بين ذلك المراد، وكذلك تقول على ما اقتضاه هذا الكلام: أعطيته كذا من درهم.
ثم إذا تقرر هذا فيقال هذا الكلام معترض من أوجه:
أحدها: أنه شبه (كأين) و (كذا) بـ (كم) و (كم) على قسمين: خبرية، واستفهامية. أما الاستفهامية فلاحظ لـ (كأين وكذا) فيها، لأنهما عريان عن معناها، إلا ما حكى المؤلف في (كأين) شاذًا مستقري من حديث أبي مع ابن مسعود حيث قال له: كأين تعد سورة الأحزاب؟ فقال عبد الله: ثلاثًا وتسعين. كأنه قال: كم تعد؟ ولم يأت في غير هذا، فلا معول على قياس مثله، ولا ثبوته من غير ذلك.
وأما الخبرية: فهي التي حملا عليها، ولذلك قال في "التسهيل": معنى (كأين) و (كذا) كمعنى (كم) الخبرية. وإذا ثبت هذا فإطلاق القول في (كم) يؤخذ له منه أحد أمرين: