فاقتضى ذلك أن الجر إن كان باسم، وهو الجر بالإضافة، لم يكن الحكم ذلك، بل الواجب النصب، فتقول: غلام كم رجلا ملكت؟ ودراكم رجلا/ دخلت؟ وما أشبه ذلك، ولا تقول: غلام كم رجل ملكت؟ كما لا تقول: كم علام ملكت؟ وإن كان الجميع على تقدير (من) لأن التمييز على هذا المعنى استقر في هذه الأوجه كلها، فإنما يقال حيث سمع، لأنه على خلاف القياس والمطرد.
ولم ينبه الناظم على أن النصب هنا هو الأكثر، كما تقدم عن الخليل، لأنه قد لا يعتبر مثل هذا، بل يطلق الجواز، وإن كان أحد الوجهين أرجح من لآخر، كما مر في مواضع.
والمسألة الرابعة لاحقة بقوله: "ككم شخصا سما" وهو أن هذا المثال ليس بقيد في كون التمييز متصلا ب (كم) في هذا الباب، بل إنما أتى ذلك فيه بحكم الاتفاق، إذ كان يجوز لك أن تقول: كم سما شخصا؟ كم عندك غلاما. وكم لك ثوبا؟ وما أشبه ذلك. ومنه قولهم: كم ترى الحرورية رجلا، إلا أن الاتصال ب (كم) أقوى من الانفصال، وإن كان الانفصال عربيا جيدا.
قال سيبويه: وزعم الخليل أن: كم درهما لك؟ أقوى من: كم لك درهما؟ وإن كانت عربية جيده. ثم علل ذلك- وإن كانت (كم) بمنزلة (عشرين) وعشرون لا يجوز فيها الفصل إلا في الشعر- بأن (كم) صار ذلك فيها عوضا من التمكن الذي فاتها دون عشرين، لأن (كم) لا تقع إلا مبتدأة في الكلام، ولا يجوز تأخيرها فاعلة ولا مفعولة، فلا تقول: رأيت كم