إنها أولى، بخلاف باب "اسم الفاعل"، فإن الإضافة فيه ليست بأولى من النصب، وفرق بينهما بعض شيوخنا بأن اسم الفاعل مشتق من أصل، وهو المصدر، واسم الفاعل هنا مشتق من فرع، لأنه مشتق من مصدر اشتق من اسم العدد، فحيث ضعف الاشتقاق قويت الإضافة، وحيث قوي الاشتقاق ضعفت الإضافة. وإذا ثبت هذا ظهر أن إطلاق الناظم القول بأن حكم اسم الفاعل هنا حكم (جاعل) مطلقا فيه ما ترى.
والجواب عن الأول لا يحضرني الآن.
وأما الثاني فإن سلم الفرق بينهما في ذلك الحكم فلا خلل في ذلك، لجواز الوجهين على الجملة. وقد مضى له من هذا أشياء يترك فيه الترجيح، إذ لا محذور يلقى في ذلك الإطلاق.
وقوله: "مثل بعض بين" "بعض" هنا المراد به هذا اللفظ، ولكن نكره كما ينكر العلم إذا قلت: مررت بزيد وزيد آخر، لأن/ الألفاظ أعلام على أنفسها، لأنك تقول: هذا زيد ثلاثيا، ولا تجرى عليه النكرة صفة، فكان حقه أن يقول: مثل بعض البين، أي المذكور في اللفظ، لكن ذهب مذهب تنكيره فصح وقد مر نحو من هذا في "باب المعرف بالأداة".
وقوله: "فحكم جاعل له احكما" "حكم" منصوب على المصدر المشبه به، أي احكم حكما مثل حكم (جاعل) ولا يكون اسما، لأن التعدي إلى الاسم بالباء، فإنما يقال: احكم بحكم كذا، ولا يحمل على حذف الباء، لأن باب:
*تمروت الديار ولم تعوجوا*