تحكم له بحكم "جاعل" اسم الفاعل من (جعل) وذلك قوله: "وإن ترد جعل الأقل مثل ما فوق" إلى آخره.
يريد أنك تحكم له بحكم اسم الفاعل من كل وجه، فتقول: هذا ثالث اثنين، بالإضافة، كما تقول: هذا جاعل الاثنين ثلاثة، وكذلك تقول: هذا ثالث اثنين، كما تقول: هذا جاعل الاثنين ثلاثة.
ويتضمن هذا الكلام أيضا حكمين:
أحدهما: عدم لزوم الإضافة، بل تجوز الإضافة وحذف التنوين، والنصب مع التنوين، كما في اسم الفاعل، وأيضا فيشترط فيه ما يشترط فيه ما يشترط في اسم الفاعل، ويجري على ما يجري عليه من الأحكام، فإذا كان بمعنى الماضي لم يعمل، وإذا كان بمعنى الحال أو الاستقبال جاز إعماله، ولا يعمل إلا بشروط تقدم ذكرها في "اسم الفاعل" كالاعتماد على حرف نفي، أو استفهام، أو نداء، أو وقوعه خبرا، أو حالا، أو صفة، أو نحو ذلك مما تقدم ذكره، لأن (ثانيا) و (ثالثا) هنا من: ثنيت، وثلثت، كما كان (جاعلا) من: جعلت.
والثاني: أنه لا يضاف إلى ما كان من العدد موافقا، فلا تقول بهذا المعنى هذا ثالث ثلاثة، وغنما تقول: هذا ثالث اثنين، ورابع ثلاثة، لأن معنى (جاعل) لا يتصور إلا مع المخالف، ف (ثالث اثنين) يصح على معنى، جاعل الاثنين ثلاثة، بخلاف (ثالث ثلاثة) فإنه لا يصح فيه ذلك، وقد تقدم التنبيه على هذا المعنى، وكلامه يشعر بهذين الحكمين، لأنه قال: "وإن ترد جعل الأقل مثل ما فوق" فهذا مستلزم للمخالفة. قال" فحكم جاعل له احكما" فهذا معنى إجازة النصب فيه والتنوين.
إلا أن هذا الفصل فيه نظر من وجهين: