وإن ترد جعل الأقل مثل ما ... فوق فحكم جاعل له احكما.
اعلم أن مدلول اسم الفاعل في باب العدد واحد من آحاده مطلقا، فثالث، أو رابع، مدلوله فرد من أفراد الثلاثة، أو من أفراد الأربعة، لأن (فاعلا) و (فاعلة) في سائر الأبواب معناه واحد وواحدة، فكذلك هنا، فإذن لا يستعمل في هذا الباب/ إلا كذلك لمقصد خاص في الإخبار بذلك الواحد، أو الإخبار عنه.
والقصد به في الاستعمال وجهان:
أحدهما: أن تقصد به قصد البعض، بمعنى أنك تريد الإخبار عن واحد من آحاد العدد، من حيث هو بعضها خاصة، وهذا معنى قوله: "وإن ترد بعض الذي منه بني" أي إن ترد بعض العدد الذي بني اسم الفاعل من لفظه، فالحكم أن تحكم له بحكم البعض البين، أي الظاهر الموجود في نص الكلام، فتقول: ثالث ثلاثة، ورابع أربعة، فتضيف (الثلاثة) إلى (ثالث) و (الأربعة) إلى (رابع) كما تضيف لفظ البعض لو قلت: بعض ثلاثة، وبعض أربعة، لأن معناه مثل معناه.
وقد اشتمل هذا الكلام على حكمين:
أحدهما: لزوم الإضافة في هذا القصد، لان معنى اسم الفاعل هذا معنى البعض، فكما أن البعض يلزم الإضافة، فكذلك ما كان في معناه. وسبب ذلك أنه مشتق من اسم العدد نفسه، فلا إشعار له بالاشتقاق الذي يؤدي معنى الفعل، وهو سبب العمل. ومن هنا لم تنطق العرب بالفعل كما تقدم قبل، فلا يجوز إذن أن يقال: هذا ثالث ثلاثة، كما