باب "المعرب والمبني" في قوله: "اثنان واثنتان كابنين وابنتين يجريان".
فقد يقول القائل: هذا تكرار لا يحتاج إليه، إذ كان الأولى به أن يقتصر على الموضع الأول، فيترك ذكر ذلك ها هنا.
فيقال في الجواب عن هذا: إن ما ذكر هنا لا بد منه، ولو لم يذكره لأخل، وذلك أنه قدم أن هذا النوع مما وقع مركبا/ والمركب مبني، بلا بد، فلولا ذكر التنبيه على إعراب هذين اللفظين لشملهما ظاهر القاعدة، فكان يوهم أنهما مبنيان مع بعدهما، فنبه على الإعراب فيهما، وأنهما باقيان على ما كانا عليه. ومن هنا زلهما في الذكر وحدهما عن سائر الألفاظ، من (أحد عشر) و (ثلاثة عشر) وأخواتهما.
فإن قلت: فلم أعرب والموجب لبنائهما قائم، فإن القصد منهما ومن غيرهما من أخواتهما واحد، وأخواتهما مبنيات، فكان الأولى الحاقهما بهما؟
فالجواب: أن أخواتهما إنما بنيت لوقوع ما بعدها منها، موقع تاء التأنيث كسائر ما بنى للتركيب، ولذلك بنى الصدر على الفتح، بخلاف (اثنتي، واثنى) فإن الثاني فيهما إنما وقع منهما موقع نون الاثنين، وما قبل ذلك محل إعراب لا بناء، فصار إلى كمضاف إليه، فلم يبطل الإعراب.
والدليل على هذا القصد فيهما أن العرب تصنيف إلى (عشر) في قولك: أحد عشر، وثلاثة عشر، ونحوه، فتقول: هذه أحد عشرك، وثلاثة عشرك، ولا تضيف إلى (عشر) في قولك: اثنى عشر، واثنتي عشرة، فلا تقول: هذه اثنا عشرك، ولا اثنتا عشرك، كما لا يقال: اثنانك،