والاثني: أن أصل الحرف إذا عمل في اسم واحد أن يعمل الجر لا الرفع ولا النصب.
وهذا الثاني لا يلتزمونه، إذ من مذهبهم أن الحرف قد يعمل غير الجر في اسم واحد، كما يحكي عنهم في اسم (إن) وخبر (ما) ونحو ذلك.
والرابعة: التنبيه على أن ضمير الجر إذا وقع بعدها فهو ضمير رفع، أي في موضع رفع، فليس بمجرور الموضع، لأنه ذهب إلى أنهما يلزمان الابتداء، فأتى بلفظ اللزوم، فدل على ما ذكر.
وهذا رأي الأخفش والفراء خلافا لما ذهب إليه سيبويه والخليل ويونس، من أنه في موضع جر على ظاهره، فهي إذا قلت: (لولاك، ولولاه) من حروف الجر.
واستدل على صحة ما ذهب إليه الناظم بأن الضمائر قد يقع بعضها موقع بعض، وقد قالوا: ما أنا كأنت، فأوقعوا ضمير الرفع موقع ضمير الجر، فلذلك يجوز عكسه، وهو وقوع ضمير الجر موقع ضمير الرفع، واحتج الفراء بأنها لو كانت (لولا) مما تخفض لأوشك أن ترى خافضة للظاهر، ولو في الشعر، قال: وإنما قالوا: لولاك، كما اتفق ضمير الرفع والخفض في: فعلنا، وبنا، وكان إعراب المكني بالدلالات لا بالحركات، وأيضا فلا بد لكل حرف جر من متعلق، فأين متعلقه؟ وليس بزائد فيقال: إنه لا متعلق له، بل هو كسائر الحروف التي لا تراد، فإذا لم يكن (لولا) متعلق دل على أنه ليس بحرف جر، كما يزعم المخالف.