وقوله تعالى: } إن كنت قلته فقد علمته} والتقدير كقوله تعالى: } إن كان قميصه قد من قبل فصدقت وهو من الكذابين. وإن كان قميصه قد من دبر فكذبت وهو من الصادقين}.

ودليل كونه على تقدير (قد) أنه ماض في المعنى، لأن الصدق ليس مسببا عن كون القميص قد من قبل، ولا الكذب مسببا عن كونه قد من دبر، فكأنه قال: إن كان قميصه قد من قبل فقد صدقت، أي فقد كان قولها صادقا، وكذلك في الطرف الآخر.

وكذلك إن لم يتجرد عن غير (قد) عموما فلا بد في وقوعه جوابا من الفاء، كما إذا دخلت عليه أدوات الاستفهام، أو العرض، أو التحضيض، أو النفي، أو نحو ذلك، كقولك: إن أكرمتني فهلا أكرمت عمرا، وإن قام زيدا غما قام عمرو.

وأما التجرد في المضارع فأن لا تدخل عليه أداة من الأدوات ما عدا (لم) و (لا) فلو دخل عليه حرف من حروف الاستفهام أو العرض، أو السين، أو سوف، أو قد، أو غير ذلك لم يستغن في كونه جوابا عن الفاء، فتقول: إن أكرمت زيدا فهل تكرم عمرا؟ أو فهلا تكرم عمرا، أو فسوف تكرم عمرا. قال الله تعالى: } فإن استقر مكانه فسوف تراني} أو فقد أكرمك.

ولا تقول: إن أكرمتني سوف تكرم زيدا، ولا قد تكرم زيدا، لأن واحدة من تلك الأدوات لا يصح أن تلي أداة الشرط إلا (لم) و (لا) فإن الفاء لا يفتقر إليها معهما، فتقول: إن قام زيد لم يقم عمرو (وإن قام زيد لا يقم عمرو، لأنك تقول:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015