قول أعشى باهلة:
لا يأمن الناس ممساه ومصبحه ... من كل أوب وإن لم يأت ينتظر.
والقوافي مرفوعة. وعلى هذا يكون الماضي في قوله: "وماضيين أو مضارعين" أعم من أن يكون ماضيا لفظا ومعنى، أو معنى دون لفظ، فيشمل ذلك قولك: إن لم تكرمني لم أكرمك، فهما ماضيان، وكذلك إن أكرمتني لم أكرمك، أو بالعكس، فإنهما ماضيان.
وإنما جاز رفع الفعل الواقع جابا، والشرط ماض، من جهة أنه مقدر التقديم، وليس عندهم في موضعه، فهو في الحقيقة دليل الجواب، كما قلت: أكرمك إن أكرمتني، ولو قدرت أنه نفس الجواب لوجب الجزم، فقلت: إن أكرمتني أكرمك.
والذي سوغ ذلك مجئ فعل الشرط ماضيا، لأنه إذا كان ماضيا لم يظهر فيه عمل الجازم، فحسن الإتيان بعده بما لا ينجزم، على حد ما لو أتى قبل الشرط.
ألا ترى انه لا يجوز: آتيك إن تأتني، إلا في الشعر، ويجوز: آتيك إن أتيتني ... فهذا مثله، وذلك لأن العرب مما يكرهون أن تعمل (إن) أو غيرها من