والجواب بالفاء والواو في الأجوبة الثمانية صحيح سائغ عندهم، ولم يستثنوا ترجيا ولا غيره.
والجواب عن هذا أن ذكر الفاء ليس بقيد يخرج الواو، بل ذكرها ليلحقها بما تقدم من النفي والطلب. والناظم قد تقدم له أن الواو كالفاء في وقوعها جوابا إذا كانت بمعنى (مع)
يعني حيثما وقعت، ومن مواقعها الرجاء والتمني، فلا بد أن تقع الواو فيهما فتقول إذن: لعلي أحج وأزورك، على معنى: لعلي يجتمع لي حج وزيارة لك، وهذا ظاهر.
وقوله: "كنصب ما إلى التمني ينتسب" أي أن الفعل بعد الفاء إذا كان منتسبا إلى التمني، أي واقعا جوابا له، لأنه إذا وقع جوابا انتسب له، فقيل: جواب التمني، فإنه ينتصب أيضا، لأن الكلام مع التمني غير واجب، فاستوى في ذلك مع الاستفهام والدعاء ونحوهما، فتقول: ليت لي مالا فأنفق منه، ومنه قوله تعالى: } يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزا عظيما} وتقول في الواو إذا وقعت جوابا: ليت لي مالا وأنفق منه، ومنه قراءة حفص وحمزة: } فقالوا يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين} بنصب "نكذب" و"نكون" على جواب التمني، أي يا ليتنا يجتمع لنا هذا وهذا، وقرأ ابن عامر بنصب "نكون" على الجواب، ورفع "نكذب" عطفا على "نرد"/ولم يذكر ها هنا كون ما بعد الفاء جوابا في القصد، لذكر ذلك فيما تقدم، فلم يحتج إلى إعادته لأنه معلوم.