بمعطوف فيقتضى أن يكون المعطوف عليه مثله، فلهذا أجاز: صه يكن خيرا لك، وحسبك ينم الناس، ألا ترى أنك لو قلت: ايتني آتك، وجاز وإن كان الأول مبنيا والثاني معربا، لأنه ليس بمعطوف، ولو كان أراد العطف لم يجز، زرني أزرك. وقد أجاز ذلك الكسائي، فيجوز عنده أن تقول: عليك زيدا فأكرمك، وصه فأكلمك، وهو مردود بالقياس المتقدم آنفا، وبعدم السماع فيه، فلا يلتفت إليه.
والنوع الثاني: من الأنواع الدالة على الأمر بلفظ الخبر، وهو على وجهين:
أحدهما: أن يكون دعاء، والآخر: أن لا. والدعاء عند النحويين يطلقون عليه لفظ الأمر، لان صيغته كذلك.
فأما الدعاء بلفظ الخبر فكقولك: غفر الله لك يدخلك الجنة، وأكرمك لا يحاسبك، ونحو ذلك.
قال ابن الضائع: ويجري هذا المجرى، يعني مجرى (حسبك ينم الناس) ونحوه في الدعاء قولك: غفر الله لي أنج من عذاب الله، أي. إن غفر الله لي نجوت، فهذا معناه معنى (اللهم اغفر لي أنج) لكنه جاء مجئ لفظ الإخبار بالغفران على خلاف / الأصل، فصح الجزم، لأن معنى الشرط فيه صحيح، ولا يصح النصب، فلا تقول: غفر الله لك فيدخلك الجنة، وقد تقدم وجه ذلك. وأجازه الفراء والكسائي، وليس لهما في ذلك سماع يستند إليه، ولا قياس يعول عليه.