وابن مالك أنشد غير ذلك مما لم أقيده. ومن ذلك أفعل التفضيل ففي الحديث: "غير الدجال أخوفني عليكم" والأصل: أخوف خوفي، أو أخوف تخوفاتي، فحذف المضاف، وحكى سيبويه في أسماء الأفعال عليكني وعليكي، بل ينبغي أن يكون إلحاق النون لاسم الفعل كالفعل من كل وجه فكما تقول: تراكها، كذلك تقول: تراكني، وفي رويد رويدني وفي هلم الحجازيه هلمني، وكذلك سائر أسماء الأفعال المتعدية، بل والمصدر الموصول نحو: عجبت من ضربكني، ويظهر هذا من السيرافي، وذلك إذا آثرت اتصال الضمير ولا تقول: من ضربكني؟ لجريانه مجرى الفعل والالتباس، وقد نص على جواز إلحاق النون في اسم الفعل مطلقًا المؤلف في "شرح التسهيل"، فالحاصل أن الناظم قصر في المسألة من وجهين:
أحدهما: كونه ترك مما تلحقه النون ما هو قياس، وذكر ما ليس بقياس.
والثاني: أنه خص بالذكر مما ليس بقياس بعضًا وترك بعضًا لم يدل عليه بإشارة وظاهر هذا تحكم.
والجواب: أن يقال: أما الأول: فهو وارد عليه، وأما الثاني: فإن الذي ترك مما ليس بقياس هو لحاقها اسم الفاعل وأفعل التفضيل وكلاهما لا فائدة في تنبيهه عليه، إذ لا يتعلق به قياس على وجه، بخلاف ما ذكر فإن فيه قياسًا، وذلك أن القياس يجري في الكلام بحسب مسألتنا على وجهين: