وكذلك المعنى في: كأنك لم تأتنا، أي قد أتيتنا.
وعلى ما تقرر نص ابن خروف في التقرير، وقال في هذا البيت: أبقي النصب كما أبقى الباء في قولك: ألست بزيد؟ يعني حين دخل التقرير، فنسخ معنى النفي اعتبارا بالأصل، فإذا قد دخل هذا المعنى تحت النفي المحض، فلا إشكال على الناظم فيه.
والجواب عن الثاني جار على الجواب الأول في المعنى، لأن أصل الكلام الاستفهام، فروعي ذلك الأصل، والذي يبين ذلك أن النفي فيه ليس بصريح الدلالة إلا من جهة ما يلزم عن الاستفهام المراد به التقرير.
وأصل المعنى أن المتكلم يستفهم المخاطب عن الإحسان الذي علق عليه الإكرام، وجعله سببا فيه، تقريرا له عليه إذا قال: هل أحسنت إلي فأكرمك؟ والمخاطب يعلم أنه لم يحسن إليه، فإذا لا إكرام؛ إذ لم يقع إحسان، فالنفي راجع إلى ما عند المتكلم والمخاطب، لا إلى نفس الاستفهام، لكن حصل من المجموع النفي معنى، والاستفهام حاصل، فلا درك على هذا الوجه. والله أعلم.
ولما أتم الكلام على (الفاء) أخذ يذكر حكم (الواو) أختها في هذا الحكم، وهو الموضع الخامس من مواضع لزوم الإضمار، فقال:
والواو كألفا إن تفد مفهوم مع ... كلا تكن جلدا وتظهرا الجزع.
يعني أن (الواو) التي بمعنى (مع) حكمها حكم (الفاء) في جميع مالها، من كونها تقع جوابا للنفي المحض، والطلب المحض، أو جوابا للتمني أو الترجي، على حسب ما يذكره بعد هذا.
فينتصب ما بعدها ب (أن) لازمة الإضمار، وليس مع (الواو) جواباً، لأن