السير لا يكون سببا للدخول إذا قلت: ما سرت حتى أدخل المدينة، ولا بد في الر فع من السببية كما ذكر، ولا يجوز النصب لأن الفرض أن الفعل حال.
وأما إذا وقع قبلها المفرد نحو: سيري حتى أدخل المدينة، فلا يجوز الرفع، لأن ما بعد (حتى) جملة مبتدأة، فيبقى المبتدأ بلا خبر كما تقدم، ولا النصب لأنه فعل حال، والناس قد شرطوا في الرفع في الحال هنا الشروط الثلاثة، فإن تخلف شرط لم تجز المسألة بحال.
فأنت ترى قول الناظم: "وتلو حتى حالا أو مؤولا به ارفعن" يقتضي بإطلاقه أن يقال ذلك كله، وأن يقع فعل الحال في كل موضع، فيقال: سيري حتى أدخلها، وما سرت حتى أدخلها، وسرت حتى تطلع الشمس، وذلك كله غير جائز.
ولا يقال: إن هذه المسائل تمتنع رأسا، ولم يتكلم هو إلا على ما يجوز، ] لأنا نقول: الجواز [والمنع من كلامه نستفيده لا من خارج، لأنه موضوع لبيان ما يجوز في الكلام وما يمتنع.
والسؤال الثاني: أن المستقبل على وجهين كما ذكر في الحال، مستقبل حقيقة كقولك: كلمته حتى يأمر لي بشيء، ومؤول كقولك: سرت حتى أدخل المدينة، لأن معناه: فدخلت، لكنه يرجع إلى المستقبل بالتأويل كما ذكر، وحقيقته المضي، فيقتضي أن ما أدل بالمستقبل ليس بمنصوب، إذ لم يثبت النصب إلا للمستقبل حقيقة وإلا فإطلاقه القول فيه بعد تقييد الحال يشعر بأن التأويل فيه غير مقصود، وهذا غير صحيح، بل هو كالمستقبل في الحكم، إلا أنه يلحظ فيه لحظان، فينصب ويرفع باعتبارهما.
والجواب عن الأول أن يقال أولا: إن الناظم إنما تكلم على الحال