وقوع الفعل أولا تقتضي وقوعه.

فإن كانت لا تقتضي وقوعه فلا بد من نصب ما بعد (حتى) نحو قولك: ما سرت حتى أدخلها، وهل سرت حتى تدخلها؟ لأن ما قبلها لا يقتضي وقوع الفعل، وما بعد (حتى) لا يكون في الرفع إلا مسببا عما قبلها، فلا يصح الرفع، لأن عدم السير غير سبب للدخول، فلا يصح إلا النصب، بمعنى ما سار إلى هذه الغاية.

وقد أجاز الأخفش هنا الرفع قياسا منه قولك: ما تأتينا فتحدثنا، فإن ما قبل (الفاء) مثل ما قبل (حتى) في أنهما سبب فيما بعدهما، وأنت تجيز الوجهين مع (الفاء) فكذلك مع (حتى).

قال النحويون: وهذا منه قياس في موضع السماع، لأن الرفع وضع فيه المضارع موضع الماضي، و (حتى) موضع (الفاء) فلا يقال منه إلا ما قالته العرب، لأنه خروج عن الأصل. ألا ترى أنهم قدروا: سرت حتى أدخلها بقولك: سرت فدخلت؟

وإن كانت الجملة تقتضي الوقوع فلا يخلو أن يكون سببا فيما بعد (حتى) أو غير سبب، فإن كان غير سبب فلا بد من النصب، نحو: سرت يؤذن المؤذن، وسرت حتى تطلع الشمس، فالسير ليس بسبب في أذان المؤذن، ولا في طلوع الشمس.

وإذا لم يكن سببا فلا يرفع، لأن الرفع من شرطه أن يكون ما قبل (حتى) سببا فيما بعدها.

وهذا القسم ليس كذلك، فإنما المعنى هنا معنى: إلى أن يؤذن المؤذن، وإلى أن تطلع الشمس، وهو ماض في المعنى، لكنه مؤول بالمستقبل، لأنه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015