وذلك شهير في الكلام. ووجه لحاقها قوة الشبه بالفعل، كما مر، ووجه سقوطها كراهية التضعيف لاجتماع التنوين، ثم ذكر لحاق النون لمن وعن فقال: (واضطرارًا خففا مني وعني) إلى آخره، يعني أن بعض من تقدم من العرب اضطر في الشعر فخفف نون "مني" و"عني" وذلك التخفيف عبارة عن عدم لحاقهما النون الوقائية وأشار بذلك إلى قول من قال:

أيها السائل عنهم وعني ... لست من قيس ولا قيس مني

وقد استلزم كلامه وحكايته أن عدم إلحاق النون لها، ضرورة أن يكون الإلحاق لهما هو اللازم في الكلام والذي لا يعدل عنه إلى غيره، وهذا هو المقصود من كلامه لا الإخبار عما جاء ضرورة، لأن حكايته للضرورات ليست إلا بحكم التبع؛ لأن قصد النحوي القياس، ولكنه أتى بالعبارة على غير الأسلوب المقصود، اتكالًا على فهم المعنى، وإنما ألحقوها هذين الحرفين لأنهم اعتزموا على تسكين أواخرهما، ولم يريدوا أن يحركوهما لأن أصلهما السكون، بخلاف غيرهما من حروف الجر نحو: بي ولي، فلم يكن بدٌ من الإتيان بحرف قبل ياء الإضافة يتحرك بالكسر، فجاؤا بالنون لأن من شأنها أن يؤتى بها في هذا الوضع، أعني قبل ياء المتكلم، فلم تخرج عن موضعها حين وقت الحرف من الكسر، ولو أنهم أتوا ب غير النون مع الحرف لكان موضوعًا غير موضعه، فكانت النون أولى بذلك، ولئلا تشبه الحروف

طور بواسطة نورين ميديا © 2015