إن شئت قدمت الأخص فقلت: ظننتك إياه، وإن شئت عكست فقلت: ظننته إياك، وظننتك إياي، وذلك قول الناظم: (وقدما ما شئت في انفصال) يعني أنك مخير في تقديم أي الضمائر شئت، إذ وجد الانفصال ووجه ذلك أن المنفصل جارٍ مجرى الظاهر/ فلا عليك أن تقدم ما شئت من الضمائر لا اعتبار بالرتبة، والعرب إذا أرادوا تقديم غير الأخص على الأخص لجأوا إلى الانفصال، فأتوا بالضمير المنفصل الجاري مجرى الظاهر ليتأتى لهم الإتيان بغير الأخص مقدمًا على الأخص، لكن هذا الإطلاق هنا وفي القسم الأول فيه نظر.

وأما الأول فإنه زعم فيه أن لها لا بد من تقديم الأخص بقوله: (وقدم الأخص في اتصال) يعني على غيره مما هو في الاختصاص دونه، فظاهره انحتام ذلك كان بعض الضمائر في موضع رفع أو لم يكن ذلك، وهو غير صحيح، بل ضمير ارفع لا يعتبر به في هذه المسألة لوقوعه موقع الخبر من عامله فإنك تقول: زيد أعطانيها، فتقدم ضمير الفاعل وهو للغائب، وتؤخر ضمير المفعول وهو للمتكلم، وكذلك تقول: خلتنيه، فتقدم ضمير المخاطب على ضمير المتكلم، وضمير المتكلم أخص، وقالوا: عليه رجلا ليسنى، وفي القرآن الكريم: {وإذ يريكموهم} الآية، وعلى هذا كلام العرب، ولا خلاف فيه أعلمه، وإنما فرضوا المسألة في الضميرين المنصوبين، فهنالك يلزم تقديم الأخص عند الجمهور خلافا للمبرد والقدماء، فقد ظهر أن إطلاق الناظم في القسم الأول غير صحيح.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015