ثم ختم الكلام فيما فيه الهاء بحكمٍ لابد من ذكره فقال: "والذي قد رخما: بحذفها وفره بعد".
يريد أن ما رخم بحذف الهاء لا يجوز أن يرخم بعد ذلك، وإن كان قابلا للترخيم لو لم تدخل الهاء، فلا يجوز أن تقول في (فاطمة): يا فط، ولا في (مروانة): يا مروا، إذا سميت بها ولا ما أشبه ذلك؛ بل يكتفى بحذف الهاء، قلت الحروف أو كثرت، كان ما قبل الهاء زائدًا أولا، وما جاء من ذلك نحو قول العجاج، أنشده سيبويه:
لقد رأى الراءون غير البطل ... أنك يا معاويا ابن الأفضل
حمله سيبويه والفراء على أنه رخم بعد حذف الهاء، وأن (يا) نداء ثانٍ، لأنه لو كانت الياء من تمام الاسم لم يصلح نعته؛ إذ المرخم لا ينعت. وأجاز الفراء حذف ما قبل الهاء إن كان زائدا، فيجوز عنده في (مروانة) يا مرو، وفي (مرجانة) يا مرج. والسماع بذلك معدوم.
ووجه ما قال الناظم: أن ما قبل الهاء إن كان أصليًا، فالمنع ظاهر، لأن الحذف بعد الحذف إخلال، وإن كان زائدا لا يصلح للحذف، كالألف والنون في (مرجانة) فإنهما صارا بدخول الهاء عليهما كالأصلي الذي ليس بزائد.
ومن هاهنا احتج سيبويه على الفراء بأنه لو جاز حذف الزوائد لكان ينبغي أن يقول في (فاطمة) يا فاط.