أسماء الإشارة موضوعة بقيد الإشارة إلى المشار إليه، فإذا قطع النظر عن ذلك القيد استبهمت، فلا يجوز أن تقول: يا هواه، ولا: وأنتاه، ولا ما أشبه ذلك.
والثالث: الموصول من الأسماء بصلةٍ لا تعين المقصود عند الجمهور وذلك مفهوم قوله: (ويندب الموصول بالذي اشتهر) يعني أن الموصول إما أن تكون صلته شهيرةً بين الناس، وتميزه من غير أولا، فإن كانت كذلك جازت ندبته، كالممثل به في قوله: (كبئر زمزم يلي وامن حفر)، [وترتيبه: وامن حفر]، بئر زمزماه وهو مقول في ندبة عبد المطلب- جد رسول الله صلى الله عليه وسلم- لأنه هو الذي اشتهر بحفرها واستخراجها، وقد كانت داثرة، أمر بذلك (في النوم، وعين له موضعها، ففعل، فصارت معلمًا بعبد ما كانت قد ذهب أثرها وعينها، فلما اشتهر بها صار ذلك كالعلم له. فوصل موصوله بها في الندبة.
ويجرى ذلك المجرى كل موصول بما شهر به، من قولٍ أو فعل أو صفة.
فإن كانت الصفة ما لا يعين ولا يشتهر فلا يجوز أن يندب، فلا تقول: وامن في الداراه، ولا وامن ذهباه ولا ما أشبه ذلك، وهو مفهوم ما اشترط.
والعلة في منع ندبة هذه الأنواع الثلاثة واحدة، وهي أن الندبة حزن ونوح وعدم تصبر على فائتٍ لا عوض عنه عند الندب، من فضلٍ أو شجاعةٍ، أو كرمٍ أو قيامٍ بأمر لا يقوم بمثله غير صاحبه المفقود.
وإظهار البكاء والجزع ضعف ممن يظهر ذلك منه، لأنه شأن النساء، ولذلك قال الأخفش: الندبة لا تعرفها العرب، أو لا يعرفها أكثر العرب، وإنما