ثم حكى عن الخليل تعويض الألف من اللام في الاستغاثة والتعجب معًا، وقال الأعشى:
بانت لتحزننا عفاره ... يا جارتا ما أنت جاره
وقوله: "ألف" في موضع الصفة للتعجب، كأنه يقول: ومثله اسم ذو تعجبٍ مألوف في ذلك الاسم، تحرزًا من أن يكون غير مألوفٍ في التعجب، وهذا يتصور حيث لا يعرف السامع مع ما أراد ببذلك النداء، إما بأن يكون المتعجب منه نكرة، نحو: يا لرجلٍ، فإن مثل هذا لا تألفه العرب في التعجب كما لا تألفه في الاستغاثة، فلا يجوز ذلك.
وإما بأن يكون معرفة ولا قرينة تدل على قصد المستصرخ، لا لفظيًة ولا معنوية وذلك أن ما تقدم من أمثلة العرب يعرف السامع منها قصد المتكلم.
فالقرينة اللفظية في البيت دليل، ويا للعجب ويا للفليقة- كذلك، لأن العجب لا يستغاث إذا وقع واشتهر، وكذلك ذكر الداهية كذلك يدل عليها، وكذلك: يا للماء، إذا كان الماء الكثير ظاهرًا للعيان، أو في معنى ذلك، وهكذا سائرها.