فإن قلت: فمن أين تتعين اللام دون غيرها من حروف التعليل، فربما يقول القائل: آتِي بالباء أو (في) ويبني على ذلك أن يقال: يا لزيدٍ بالأسد، أي بسبب الأسد، وذلك لا يقال.؟
فالجواب: أن في كلام الناظم ما يشير إلى اللام، وأنها التي تتعين دون غيرها، لأنه قال: "وفي سوى ذلك بالكسر ائتيا" وهذا الشطر لو كانت فائدته أن المعطوف غير المكرر معه (يا) تكسر لامه، ولم يفد غير ذلك، لكان حشوا؛ إذ كان ذلك مفهوما من الشطر الأول، وهو قوله: "إن كررت يا " لأنه يعطى بمفهوم الشرط أنها لا تفتح إن لم تكرر (يا) فلما لم يجتزئ بالمفهوم دون أن يذكر ذلك نصًا، وأتى بأداة الشمول وهي (ما) في قوله: "وما سوى ذلك" دل على أن ثم لامًا أخرى غير لام المعطوف، وما ذاك إلا لام المستغاث من أجله.
فهذا وجه ثانٍ من الاعتذار، ولا تستبعد هذا، فإن لابن مالك في هذا "النظم" إشارات يجتزئ بها عن صريح العبارات، وقد مر من ذلك أشياء، وسترى أخرى فيما يا تي إن شاء الله تعالى. ثم قال:
ولام ما استغيث عاقبت ألف ... وهكذا اسم ذو تعجب ألف
يعني أن لام المستغاث في أول الاسم تعاقب بالألف في آخره، فتلحق هذه تارًة كما تقدم، وتلحق هذه أخرى فتقول: يا زيداه، بمعنى: يا لزيدٍ، وأنشد المؤلف في "الشرح":
يا يزيدا لآملٍ نيل عز ... وغنى بعد فاقةٍ وهوانِ