وهذا كله قد تقدم في "باب الإضافة"، فلم يحتج إلى إعادته هنا؛ إذ لا يختلف الحكم فيه بالنداء. وإن كان صحيح الآخر: فهو المقصود، لأنه الذي يتصور فيه تلك الأوجه، وهي خمسة:
أحدها: أن تحذف الياء، وتبقى الكسرة دليلاً عليها، وهو مقتضى المثال الأول، ومنه في القرآن الكريم: } يا عباد فاتقون {، } قال رب احكم بالحق {، على قراءة السبعة، } وقال نوح رب لا تذر {، وهو كثير جدا.
ووجه حذفها أنها عوض من التنوين؛ إذ هما متعاقبان، وأيضًا. فالياء حرف واحد كاتنوين، وأيضًا لا تقوم بنفسها / حتى توصل بغيرها كالتنوين، وأيضًا موضعها الطرف كالتنوين، فلما أشبهت التنوين من هذه الوجوه، وكان التنوين يحذف في النداء - حذفت الياء كذلك، ولا محظور في ذلك؛ إذ الكسرة التي كانت قبلها باقية لتدل عليها.
والثاني: إثبات الياء ساكنة نحو: يا غلامي، وهو الذي أعطى مثاله الثاني ومنه ما روى عن أبي عمرو: } يا عبادي فاتقون {، وقرأ هو ونافع وابن عامر: } يا عبادي لا خوف عليكم اليوم {.