أراد بل صرموا الحبال وهذا ونحوه مما يحفظ ولا يقاس عليه، وقد نبه الناظم على الشذوذ في آخر الفصل.
فإن قيل: إن موضع الضرورة لا يتأتى فيه الإتيان بالمتصل، فإنه لو تأتى لم يسغ الإتيان بالمنفصل، وأيضا لا معنى لاضطرار إلا عدم تأتي المجيء بالمتصل، فإذا كان كذلك فكيف يقول الناظم على ما اقتضاه مفهوم كلامه، لأن الاضطرار يبيح الإتيان بالمنفصل في الموضع الذي يمكن فيه الإتيان بالمتصل، بل ظاهر هذا الكلام التناقض؟
فالجواب: أن يقال ليس معنى التأتي أن يستقيم الوزن بالمتصل والمنفصل مثلا، ثم يجاء بالمنفصل عوضا منه، وإنما معناه أن الموضع الذي وقع فيه هذا الضمير يمكن على الجملة أن يتصل فيه الضمير لا من حيث هو شعر، بل من حيث أنه خال عن الموانع الموجبة للانفصال أو المخيرة فيه، فقول الشاعر مثلا: (قد ضمنت إياهم الأرض) متأت على الجملة أن يقع فيه المتصل، لأن ضمير النصب لم يتقدم ولا فصل بينه وبين معمول فاصل، ولا فيه شيء مما تقدم، فهو على الجملة مما يسع فيه أن يقول: ضمنتم الأرض كذلك ما أشبهه من الشذوذات، لكن من الضرورة تقتضى مقتضاها مما هو خارج عن الموانع المتقدمة بخلاف ما إذا قلت: هو قائم، فإن "هو" هنا لا يتأتى فيه الاتصال إذ ليس له ما يتصل به، وكذلك: (إياك نعبد) إذ كان ما يتصل به مؤخرا عنه وجميع ما فيه مانع من الموانع