قال المؤلف في "شرح التسهيل": ما رأوه غير بعيد من الصحة إذا لم تنو إرادة حرف النداء، فإن المتكلم قد يقصد إيقاع نداءٍ واحد على الاسمين، كما يقصد تشريكهما في عامل واحد، نحو: حسبت زيدًا وعمرًا حاضرين، وكأن خالدًا وسعدًا أسدان.
وما قاله غير ظاهر، لأنك لو قصدت ذلك لكان المعطوف والمعطوف عليه في كم الاسم الواحد المثنى، وذلك يصيره ممطولا، فلا يسوغ فيه على ذلك التقدير إلا النصب، لأنه يشبه ما إذا سميت بـ (زيدٍ وعمروٍ) فإنك تقول: يا زيدًا وعمرًا، ليس غير، فصار مثل ندائك ثلاثًة وثلاثين رجلاً، فإنك تقول على كونهما كالشيء الواحد: يا ثلاثًة وثلاثين، وهو أحد القولين، وعلى كونهما أشياء منفصلة متعددة: يا ثلاثة والثلاثون، وهو قول الفارسي.
والوجهان جائزان عند ابن خروف، فليس لك في (زيد وعمرو) إلا وجهان، كلاهما خارج عما قال المؤلف، وهما البناء فيهما، أو / النصب فيهما.
وأما البناء في أحدهما دون الآخر فمشكل. فإن قيل: فليكن كالنعت والمنعوت وغيره قيل: النعت غير مقصود بالنداء لنفسه، وإنما هو من تمام الأول، كالتوكيد وعطف البيان، بخلاف المنسوق، فإن كل واحد منهما مقصود، فصارا شيئين منفكين، فالصواب ما ذهب إليه هنا. والله أعلم.