فشاذ لا يقاس عليه، وقد أفسدوا دعوى الكوفيين بأشياء أكثرها ضعيفة، فلا حاجة إلى إيرادها.
والأمر الثاني: أن التعويض يقتضي ألا يجمع بين الميم و (يا) فلا يقال: يا اللهم لأن الجمع بين العوض والمعوض منه غير سائغ.
ويقتضيه أيضا قوله: "وشذ يا للهم في قريض" لأن الشاذ هو الذي لا يجوز في الكلام قياسا، وهذا رأى البصريين أيضا أن ذلك لا يجوز.
وذهب الكوفيون إلى جواز الجمع بينهما، وأن يقال في السعة: (يا اللهم) وما قالوه مرجوح، فإن القياس إنما يجري إذا فهمنا من العرب إجراء القياس، وذلك يكون بوجوده مسموعًا كثيرا جدا في النثر والنظم، أو بمجرد سماعه من غير وجود معارض له، وليس ما نحن فيه كذلك، لأن السماع إنما فشا بعدم الجمع، ولم يوجد الجمع إلا في الشعر، ولا وجد في الشعر إلا شاذا، كما قال الناظم: "وشذ يا اللهم في قريض".
فأخبر أنه شاذ في نفسه، وأن ذلك الشاذ إنما أتى في الشعر لا في الكلام، وكل واحد منهما قد كان كافيا على الجملة عند اشتهار عدم الجمع، فقد فهم بسبب ذلك أن العرب لا تجمع بينهما في السعة.
ولم يعتبر الكوفيون هذا، وهو حقيق بالاعتبار، فإن القياس لا ينبغي أن يعمل جزافًا وكيف اتفق؛ بل ينظر في كلام العرب بالاستقراء الصحيح، والتتبع الحسن، فما وجد مشهورا عندهم، لا يتحاشي من استعماله في النثر والنظم،