والثالثة: أن هذه المسألة من المسائل المختصة بـ"الضرائر الشعرية" وكلامه فيها بناًء على أن تنويون المنادى جائز في الشعر، لأن الكلام في حركته المتبوعة ثانٍ عن كونه تابعا لحركة، وأن ذلك حاصل، وهذا صحيح.

ولكن الكلام في أصلها، بالنسبة إلى هذا المختصر، كـ"الفصل" الذي لا يحتاج إليه، لأنه قد ترك من أحكام الكلام كثيرا، فكيف يذكر أحكام الشعر، وأحكام الكلام آكد بلا شك؟

فيعترض من جهتين، من جهة كلامه في "الضرائر" وهي أحكام أقلية، ومن جهة تركه أحكامًا أكثرية، وقواعد ضرورية، وكان قادرا على وضعها موضع تلك الأقلية.

والعذر عن هذا من وجهين:

أحدهما: عام، وهو أن الاحتياج إلى أحكام "الضرائر" أكيدة بالنسبة إلى الشعراء، كما كانت أحكام "الاختيار" أكيدًة بالنسبة إلى الجميع، فلابد من الإلماع بشيء منها في أثناء الأبواب، ليعمل عليها من كان من أهلها؛ إذ ليس كلام النحويين مختصًا بأحكام "الاختيار".

إلا ترى أن سيبويه بوب على أحكام "الضرائر" على الجملة، ثم نبه في الأبواب على تفاصيلها، فاتبعه المصنفون على ذلك فني كتبهم المطولة والمختصرة، كالزجاجي وغيره، علما منهم بأن الاحتياج إليها لأهلها لا يقصر عن الاحتياج للجميع، فلا بعد في أن يكون الناظم قد اتبعهم في هذا المقصد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015