وقوله: "عادمًا خلافًا" حال من ضمير "انصب" يريد أن نصب هذه الأنواع الثلاثة اتفاق من النحويين، لا خلاف بينهم في ذلك.
فإن قيل: فما فائدة التنبيه على نفي الخلاف هنا؟
فالجواب: أنه نبه به على خلاف ضعيف في المسألة، لا ينتهض خلافًا، وذلك أن "ثعلبا" أجاز النصب والرفع في المضاف الصالح للألف واللام نحو: يا حسن الوجه، ويا قائم الأب، فيجوز عنده ضم "حسن" و"قائم" لأنه لما كانت إضافته في نية الانفصال كانت كالمعدمة.
قال المؤلف في "الشرح" وأظنه قاس ذلك على رواية الفراء عن بعض العرب: يا مهتم بنا لا تهتم - بضم مهتم - مع أنه شبيه بالمضاف.
ثم أول الحكاية على أن "بنا" يتعلق بـ (لا تهتم) لا بـ (مهتم) وإذا كان كذلك فلابد أن يكون قائلاً أيضا بجواز الضم قياسًا في نحو: يا مهتم بنا لا تهتم.
فالخلاف حاصل في المضاف، والشبيه به، لكنه خلاف شاذ، فكأنه الناظم يقول: هذا المذهب غير مرضى ولا معتد به أن يكون خلافًا، فلا خلاف في الحقيقة، وكذا عادة بعض المصنفين يحكون الوفاق نفيًا للخلاف الضعيف، وابن الحاجب مما يفعل ذلك في مواضع من "مختصره" الفقهي، نبهنا على ذلك بعض شيوخنا، فيكون هذا الموضع من ذلك.