ها هنا، فـ "أنا" ضمير التكلم وحده و "هو" ضمير الغائب المذكر وحده و "أنت" ضمير المخاطب المذكر وحده، فهذه ثلاثة أقسام كلها للمفرد والمذكر، فإذا ما خرج عنها ففرع عنها، وذلك ضمير المثنى والمجموع والمؤنث، ولما كانت هذه الفروع قريبة المأخذ سهلة الانقياد إلى الفهم، اتكل الناظم على ذلك فيها، فأحال عليها إحالة مجملة لأنها لقربها في حكم المعلوم. فقال: (والفروع لا تشتبه) أي: أن فروع هذه الثلاثة غير مشتبهة ولا ملتبسة، فعليك فهمها، ويقال: اشتبه على الأمر: إذا التبس وأشكل، ومنه في الحديث: "الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات" أي: مشكلات وملتبسات. فأما "أنا" فاستغنى به عن ضمير المفرد المؤنث "أنا" يقوله المؤنث على حد ما يقول المذكر، لأن تكلمه يعينه، فلم يحتج إلى دلالة على التأنيث، وأما المثنى والمجموع مذكرًا أو مؤنثًا فليس لهما إلا ضمير واحد، وهو "نحن" وأصله أن يكون للجماعة، لكنهم شركوا معه المثنى فيه؛ لأن الاثنين فما فوقهما جماعة؛ لأن كل واحد منهما قد جاء مع صاحبه فحقيقة الجمعية موجودة في المثنى، فشرك مع الجمع في الكناية/ واستغنى عن التفرقة بين المذكر والمؤنث؛ لأن تكلمة يعينه، ولقصد الاختصار بتقليل الأوضاع، وإذا استعمل "نحن" في المفرد فعلى خلاف الأصل إذ لا يطلق على المفرد إلا مع توهم الجمع، لأن الواحد لا يستحق ضمير "نحن" إلا مع التعظيم، (إما بقيامة مقام الجماعة أو اختصاصه بالجماعة في الأمر الغالب).